الأربعاء، 29 فبراير 2012

عروس من نور (الجزء الثالث)

         


ممر السراب:

       الممر ضيق عند دخوله

  
       ينحدر في بدايته

      صوت صرخات تنبعث من داخله

     غير واضح ما يواري خلفه

     هوالسبيل إلى عمق النهر

      وكشف سر العبور

      لم يسلكه حي من قبل

     ربما سارت فيه الأرواح في طريق الخلود

      أو سكنه من طردوا من الحياة وحرموا من الموت

     من خفي لونهم بين اختلاط النور بالظلام

     صورة تظهر وتختفي في نفس الزمن

     خيط بين الحقيقة والخيال وروح  بين الوهم والأحلام

    اختلاف بين النهاية والبداية يخلق سراب الحياة

    صوت خفي يبكي  ويصرخ بين الضحكات

    بين السعادة والحزن وبينهم تأمل وحيرة

    إحساس يأتي فجأة ويختفي

    كأنه طيف تحن اليه

    لكن تنسى تفاصيله في محيط من فوضى الأفكار

    تتأمله في وقت الغفلة ,

   كأنه الحقيقة والرغبة لكن اليقظة تخفيه 
    
   ممر من سراب مضى بين صحاري الزمن        











    في مدخل ممر السراب

    يقف فارس الظلام

    نجح في قراءة النقوش

   المدونة أسفل الشجرة الضخمة

   تَسَّمر في مكانه من وقع الكلمات

   وجد اسمه مدون بحروف أهل الظلام

   ومدون أيضا عليها أن:

   فارس الظلام فقط هو من له حق العبور إلى ممر السراب

   رغم أنه لم يجد سر عبور النهر بعد

    لكن اسمه المدون هنا منذ القدم

    مرسوم  له من قبل عبور ممر السراب

    ادرك أن رحلته تسير بالشكل الصحيح

    لم يعد هناك شك في رواية العراف

    فرسالة العراف لم تكن مجرد تكهنات

    وكأن النهر يخبره أنه قد اختير للعبور





   تقدم فارس الظلام

   انكشف أمامه ممر السراب بدون عوائق

   الرؤية أمامه غير واضحة

   يتحسس طريقه إلى الداخل

   شعور بانسحاب الروح مع انسحاب الظلام

    الى داخل الممر

   يسير بما تحويه نفسه من ذكرى أرض الظلام

    خطواته ثابتة

   لا يرى نهاية الطريق

   نهاية الممر تظهر ثم تختفي

   يسير نحوها كلما دنا منها تهرب بعيدا

   وينظر خلفه فيراه لم يتجاوز المدخل  بعد

   لم يعبر الممر مازال في نفس مكانه

   نفس المشهد يتكرر بدون تغيير  

   كمن يسافر طويلا  للوصول الى نهاية الكون 

  وهو يدور حول مكان انطلاقه 

   فقط يمضي الوقت

   حاول مرارا دون فائدة

   ولم يفلح في تجاوز الممر

   عندما يكون السراب هو الطريق

   يضل من قدم من غياهب الظلمات

   النور فقط يبدد السراب







   لم يعد أمامه سوى العودة فقد حاول مرارا

   ممر السراب يرفض عبوره الى عمق النهر

   ولكن كيف سيعود بدون سر العبور ؟!

   وكيف سيعبر نفق الهلاك ؟!

   حتى سيف العتمة لم يغني عنه من الفشل

   لم يتبقى أمامه سوى العودة

   أدرك ان لا أحد قادر على اجتياز الممر




   تذكر صندوق العراف

   قرر أن يستكشف ما بداخله

   ويخرج الآنية التي تحوي ماء النور

   ويكشف عن تفسير لرموز نهر الهلاك

   كما أنبأه عراف النهر

   ربما يكون فيها حل للغز ممر السراب




   يردد داخله

   من السهل أن أعبر هذا الممر

    اسمي مدون على تلك الشجرة

   أني الوحيد القادر على العبور

   و كأن الطريق ممهد لي منذ زمن

   ومع ذلك لم أتمكن من العبور

   قد يكون وراء ذلك حكمة أو سر

   دائما الحواجز الخفية تحمينا من ضرر رغم أنها تكبلنا

   لو لم يهلك فرسان الظلام

   لم يكن عرش أرض الظلام ليصل إلي

   هكذا تسير الامور دائما

   اختبارات لقوتك من رحم الشقاء

   من التجربة إلى الفشل إلى تكرار المحاولة

   ثم التمرد على كل ماهو أسطوري








    صندوق العراف مغلق
منذ زمن 

    أيد خفية قد أغلقته

   عراف النهر قد حفظه وقام بحراسته لهذا اليوم

    عمد فارس الظلام الى سيفه وفتح  به الصندوق

     خرج منه شهاب خاطف

     أصابه الرعب

    ذكره بالشهاب المضيء

    الذي ومض كالصواعق يوم اكتمال العتمة

    والذي هدد أرض الظلام

   هذه المرة  آنية ماء النور هي مصدره

    شعر بالقلق من لمسها

    كان يخفي خوفه من الضياء وهو في بعيد في الأفق

   أمام معاونيه في أرض الظلام

   الان بين يديه ولكنه وحيدا لا يحتاج لاخفاء الرعب

   لكن أمامه رحلة طويلة

   ويجب أن يعود بعروس النهر قبل اكتمال العتمة



   الصندوق يحوي تفسير لبعض الرموز  



   مكتوب فيه اسمه بلغة اهل الظلام

    وأنه المكلف برحلة العبور 
    
    ومنقوش عليه وصف عروس النور  
      
   



    وجد أيضا رسالة من نهر الهلاك

    مكتوب فيها :

   لتهزم السراب عليك أن تشرب من آنية النور


   طريقك عبر الممر هو الطريق الى عبور النهر






   الرسالة تخاطب  فارس الظلام

   تناول ماء النور سيحيلك الى هيئة سكان العالم المجهول

   حتى تتمكن من العبور

   الضياء الذي ترهبه  سيكون فيه أمانك هناك

   العالم المجهول لن يقبلك بدون ضياء

   نهر الحياة يطرد الظلام

   سيكون اسمك هو النور وفي ظلك الحياة  

     
 
   لتعود الى هيئتك الحالية

  عليك أن تعود بعروس النور  

   
  صورتها سترسم داخل روحك  
  
  قبل اكتمال العتمة 
   
  تعرفها من بين الجميع دون اشارة أو دليل
  
   
   ستترك سيفك الحالك

   آنية النور ستتحول بعد رحيلك

   لتخزن ظلامك
 

    لن تتذكر نفسك

   سيتبدل شعورك بذاتك

  عشقك للأشياء سيتغير  

    لن تعشق الظلام  
  
  ستتحر من قيود العتمة  
  

  ستقودك تلك الروح المختلطة بماء الحياة


   عليك أن تختار مابين

    إستكمال الرحلة

    أو أن تعود وتفقد عرشك وتهلك أرض الظلام

    ظلامك الداخلي سينقلب ضياء

    كل ما تخشاه الان ستعشقه هناك

    ستكون غريبا يعشقك من يراك للوهلة الأولى

    تحمل سر العبور 

 
    لم يكن لينكشف لغيرك    

    ولا حتى لك خارج هذا المكان   

     سر العبور  هو أنت نفسك 
         
    بعد أن تصير إلى هيئة عالم  النور  
 
   تسعى الى انقاذ عالمك  
  
  من نفس مصيرك بعد العبور .

 

السبت، 25 فبراير 2012

عروس من نور (الجزء الثاني)








   نهر الهلاك :
     هناك عند حافة النهر السفلى 

     تداعى سكان أرض الظلام 
     نحو النهر
     يتابعون بقلق انطلاق الرحلة
     فارس الظلام سيترك القاع
     ويصعد نحو المجهول
     ليأتي بعروس النور
    التي ستنقذ أرض الظلام من الزوال
    لم يسمع أحد بها من قبل حضور عراف النهر









     الخوف يملأ النفوس من فشله وزوال أرضهم
     و يتساءلون :
    هل سيقدر على عبور نهر الهلاك أم لا؟
     لم يحدث من قبل أن تجرأ أحدهم
     على تجاوز قمة أرض الظلام
    حتى الأساطير من فرسان الظلام لم يفكروا في العبور
    هو يمتلك الشجاعة والقوة
     ومعه سيف العتمة مصنوع من صخور النهر
    لم يقدر أحد على مواجهة سيفه الحالك
    حارب به فرسان الظلام من قبل
    وحمو ابه أرض الظلام السفلية





     فارس الظلام
     قد أَلِفَ على القاع وظلامه
     ولا يعلم ما ينتظره في الرحلة إلى المجهول
     لا مفر أمامه من الإقدام
     لو ظل في مكانه سينتهي ملكه وستضيع تلك الأرض
    الطريقان متشابهان في النهاية
    لكن رحلة العبور تحمل بعض الأمل
    فرصته في النجاح تكاد تكون مستحيلة 
    لكن فارس الظلام يأبى الفشل
   و سيدفع بكل قوته حتى النهاية  
   ولن يستسلم للهلاك
   شيء مجهول يدفعه نحو التجربة









    عند الضفة السفلى
    النهر هادئ
    مياهه المعتمة تخفي ما يحويه من أسرار
    يمتد إلى أسفل وينبع من القمة المحرمة
    الكائنات المجهولة
    التي تعيش في أعماق النهر عند الحافة العليا
    يعلو صوتها وقت اكتمال العتمة
    تنادي سكان الظلام
    يتجهون صوب النهر
    لا يرون سوى الضفة السفلية
    و باقي النهر مجهول
    و تنتشر الأساطير عن هلاك من تجرأ على العبور
    تلك الأساطير تبني لديهم جدران من الخوف والوهم
    لكن ليس أمامهم سوى
 تصديقها
    ولا شجاعة لأحد منهم على العبور



      تحرك فارس الظلام مع عراف النهر
      في قاربه الصغير الغريب الشكل  
      يشبه البئر  
      منحدر كأرض الظلام
     العراف قوي يستمد بأسه من النهر
      فهو خازن أسراره ومنطقه السري
     يتابعان المسير في النهر صعودا
     الهواء يدفع القارب الصغير برفق
     يضيق مجرى النهر
     وصخور الهلاك تقترب من جانبي القارب
    و تصنع دوامه من مياه النهر
    تبطئ القارب
    فارس الظلام يساعد في دفع القارب
    مياه النهر أصبحت أقل حلكة
    وأمواجه أكثر ارتفاعا
    أصوات تسمع من بعيد ليس لها مثيل في أرض الظلام 
    يقترب صوتها كلما تقدموا
    صرير كوهج نار العتمة 
    انسحاب للظلام من الروح يصيب برجفة  

 
   عند منحنى للنهر 
    توقف القارب  
   في الأفق يبرز نفق يسمى نفق الهلاك
   ينتهي إليه مجري النهر
   العراف ينظر إلى المياه
   ويتمتم ببعض الكلمات
   ليست من لغة أرض الظلام

    فارس الظلام يتساءل:
    كيف سنعبر هذا النفق ؟!
    أجاب العراف :
    ووجهه مازال ينظر إلى النهر
    سنتوقف هنا!
    هذا الكهف!
    ويشير بيده !
    صوب جانب النهر وسط الصخور
    هذا هو بيت عراف النهر!
    هذه أبعد نقطة  تمكنت من إجتيازها
    أحاول منها استجلاء أخبار العالم المجهول. 
    يتابع قائلا:
    النهر هنا يتغير
    أعلم بعض أسراره  حاولت التقدم مرات عديدة
    لكن بعد منحنى النهر
    تتغير لغة النهر وأعجز عن الصعود
    وأٌصْبِح كأي من قاطني أرض الظلام
    أخاف العبور وأخشى الهلاك
    والسير نحو المجهول 
     
     
   






   فارس الظلام بدأ يشعر بصعوبة الرحلة
   كان يظن أن العراف سيرشده إلى سر عبور النهر
   وسيرافقه إلى نهر الحياة
   فهو من أخبره برسالة النهر
   والأن يتركه يكمل الرحلة وحيدا
   لكنه يتذكر قوته وأنه فارس الظلام
   لا يهاب شيء ومعه سيفه الحالك
   خطر بباله:
   ربما نهر الهلاك أخفى عن العراف سر العبور
   ولم يفسر له بعض رموزه
   أراده فقط أن يقودني إلى هنا
   ربما كان يعده لهذه المهمة عمرا
   طمأنه هذا الخاطر






     صعد العراف الى الكهف
     تبعه فارس الظلام
     الكهف صغير تزين جدرانه رموز غريبة
     تشبه الأساطير المنقوشة على عرش فرسان الظلام
     أحضر العراف صندوق صغير
     وقدمه إلى فارس الظلام
     وقال هذا هو صندوق العراف
     فيه ماء يسمى ماء النور
     تسرب من نهر الحياة
    عبر كائنات الأعماق
    وفيه بعض أسرار النهر
    التي تمكنت من فك رموزها
    ولكني لا أجد تفسيرا لبعضها
    خاصة سر ما بعد منحنى النهر
    أحيانا يخذلك المكان عن رؤية تميزه طول المكوث به
    ينتظر آخر يجرب للمرة الاولى
    من يتجاوز خوف العبور







    يخرج فارس الظلام من الكهف
    يتأمل النهر
   يبصر في الأعلى
    نفق الهلاك
    المغلق بصخور جبل الظلام
    تشكل تلك الصخور معا حائل
    يفتك بمن يحاول الاقتراب
    وعبور النهر إلى القمة المحرمة بعد النفق
    يستحيل من خلالها العبور
    يبدو النفق اكثر حلكة
    كأن العتمة تدعوه للتقدم وتغريه بالعبور




    عراف النهر قاطعا تأمله
    لن تتمكن من دخول نفق الهلاك دون سر العبور
    المدفون في أعماق النهر
    عندها فقط سيسمح لك النهر بالعبور
    وتعثر عليه عليك أن تغوص إلى قلب النهر المجهول
    عبر ممر السراب
   ستسلك طريق الصخور صعودا
    ومعك صندوق العراف
    سيحررك من قيود الظلام
    ويرشدك حتى تجد سر العبور
    هذا ما تفسره رموز النهر










    انطلق فارس الظلام لاستكمال رحلته وحيدا
    أمامه طريق واحد للوصول إلى ممر السراب
    عبر الصخور المظلمة
    فقد أغلق نفق الهلاك طريق النهر
    انطلق الفارس معه صندوق العراف
    وفي طريقه مازالت أصوات غريبة تتردد
    ولكنه لا يبصر مصدرها
    يسير بين الصخور بحرص
    فحوافها حادة قاطعة مثل السيوف
    يشعر أن الظلام أصبح أقل عمقا
    يزداد اضطرابا لكنه يكمل
    طريقه دون تردد




    الرؤية فيه غير واضحة
    قبل مدخل ممر السراب
    ظهرت شجرة ضخمة
    تعيق الطريق إلى دخوله
    لم تبرز الا عندما اقترب
    عينه لم تبصرها عبر طريقه
    الشجرة عملاقة
    جذورها تمتد الى داخل ممر السراب
    ويصل امتداد فروعها إلى القمة المحرمة
    عليها نفس الرموز المدون بها

     الأساطير المنقوشة على عرشه
    والتي رأها على جدران العراف
    وفي أسفلها مكتوب بلغة أرض الظلام
   اقترب منها فارس الظلام
   عله يعثر على سر العبور
   ودار بخلده أن يكون السر مدون عليها
   لكن لم يسلكه  أحد للعثور عليه
   عبر هذا الطريق.

الخميس، 23 فبراير 2012

عروس من نور (الجزء الاول)




أرض الظلام:

وقت اكتمال العتمة

                يبزغ ضوء ثاقب يشبه عاصفة من الهواء البارد

                تهب على بركان من الحمم المنصهرة

               اصطدام بين شحنات من النور والظلام

               شهاب ثاقب ومض واختفى فجأة

               أحس به ساكني أرض الظلام

              خوف وفزع وصرخات تتعالى

             هرج ومرج!

             يتهامسون!

            تٌرى ما هذا الشيء الذي لاح فى الأفق

           هناك على حافة النهر؟ !




           هنا في أرض الظلام

           لا يعرفون ما النور

           فهم لم يروه من قبل

           العتمة تحيط بهم حتى وصلت إلى داخلهم

          يشعرون أنها جزء منهم.

          لذلك شعروا بالرعب من رؤية هذا الشهاب

          حياتهم على نهر يسمى الهلاك

          وما فيه من أسماك وكائنات تسربت إلى عالمهم

         دون أن يدروا أنها قادمة من نهر خفي عنهم يسمى الحياة.




        أرض الظلام عميقة مثل البئر

          نهر الهلاك الذي

         يمتد إلى أسفل له ضفتين

        السفلى لهم يعتمدون عليها

        والعليا محرمة

         لايمكن الاقتراب منها من يقربها هلك

        من رضي عنه النهر فقط هو القادر على محاولة الصعود

        لا يعلم أحد سر العبور فهو مدفون في أعماقه

        وحتى يجده يجب عليه أن يغوص إلى الأسفل

        نحو قلب النهر المجهول

       هناك مناطق محرمة تمثل قمة هذه الأرض.





        حياتهم شبه راكده تشبه الموت

        الذي إسمه هو نهرهم

        عليه يعيشون ومن مائه يتبركون

        الظلام له وقت للكمال يكون فيه أكثر عمقا

        وهو وقت مقدس عندهم

        تتجه أنظار الجميع صوب النهر فى وقت واحد

        ينتظرون إكتمال العتمة على نهر الهلاك




        تجمع بعض ممن يقطنون في الأعلى

            يردد بعضهم :

       هذا فارس الضياء الذي حكي عنه الأولون

       جاء ليخطف قطعة من صخور نهر الهلاك

       ليتخذ منها سيفا يحكم به عالمه المجهول

        يرد أخرين :

       بل هذا غضب من من نهر الهلاك

       وأخرجه ليذيقنا عذاب

      جزاء ما ارتكبناه بحق أنفسنا من ضلال

       لم نسر على درب الأجداد

       لكنهم لم يجمعوا على تفسير محدد لهذا الغريب

      أكثرهم يردد إنه مجرد خيال من فرط ظلام العيون









        تكرر ظهور نفس الشهاب الثاقب مرة بعد مره

        وتكرر الفزع

        وزادت الحيرة

       في كل مرة كان يزداد فيها الضياء فيزداد معه الذعر

      أصبح أكثرهم يميل إلى أنه عقاب من النهر



      حتى هذه المرة

     عند إكتمال الظلام

     يعاود نفس الشهاب الثاقب الظهور

       ولكن هذه المرة وميضه يخطف كالصواعق

        و تعود أرض الظلام الى الفزع

        و يبحث الجميع عن ملجأ

        يتجهون صوب القاع

       هنا في أسفل أرض الظلام

       حيث يسكن فارس الظلام حاكم هذه الأرض

       لم يصل إليه نور الشهاب الخاطف بعد

       رغم كل ما يجري في أرضه من فزع وضجة

      لم يتنبه إلا عندما

     كان الضياء ساطعا حتى يصل إلى الأسفل

      ورث عرش مملكة الظلام عن أجداده فرسان الظلام

      لم ير أيا منهم كهذا الغريب من قبل

      لا يعلم عنه شيئا

      الا من بعض أساطير مكتوبة على عرش فرسان الظلام 



       هو يعشق الظلام ولا يطيق أن يغادر القاع

       أبصر الشهاب الساطع فوق حافة نهر الهلاك

        من مكانه فى الأسفل

       تسرب إليه القلق

      لكنه لم يرد أن يبدو أقل هيبة

       فهو حاكم أرض الهلاك منبع الظلام

       وأرض العتمة



       استدعى معاونيه, مستشاري الموت

     يبحث لديهم عن تفسير هذا الغريب

      قالوا :

        قد يكون هذا هو فارس الضياء

       الذي يسكن العالم المجهول يطمع في قبضة من ظلامنا

      سأل :

       ماهو الضياء؟

        ومن أي أرض أتى؟

        وكيف لي أن أواجهه؟

       قالوا:

        هذا هو عراف النهر

       فهو يسكن على حافة نهر الهلاك العليا

       ويرسل لنا بالأخبار عن العالم الغريب

       فلا يستطيع أحد منا عبور هذا النهر

       لكنه خبير به ظل به عمره الطويل




       يبرز العجوز الغريب الأطوار ضخم الهيئة

       يقول :

        لقد عبرت إلى مكان من النهر يخاف الجميع وروده

       وظهر هذا الشيء لكم هنا كنت أراه من أعلى

        من بعيد ظل يقترب حتى وصل إلى عالمنا

         لقد تكرر مرة بعد أخرى

         ولكن وميضه كان سريعا فلم يصل إلى القاع

         قضيت عمري في النهر

         
عٌلِمْت من أسراره

         أفهم رسائله ولغته

         وما وصل إلي من خبر عن هذا الضياء 


        أنه عذاب مرسل إليك من نهر الهلاك



       سيتكرر ظهوره مرارا

       وسيزداد الرعب

       وسيبدد العتمة التي تعشقها

       و سيصل الضياء إلى القاع

       وستنمو الزهور

      وسيحل نهر الحياة محل نهركم نهر الهلاك

       و لن ينجو أحد منكم يا ساكنوا الظلام

      الا تلك الكائنات المسجونة فى أسفل النهر

       وسيتغير لون أرضكم إلى الأبد



       أصيب فارس الظلام بالصدمة

        تذكر مملكته ,عالمه, قوته. سطوته

        وأصبح ظلام وجهه أكثر حلكة

        وفي داخله رعب يستره عنهم بقناع من الغرور

        يشير إليه بلهجة فيها توعد

        ما هذه الخرافات؟

       نحن في أرض الهلاك التي ينبع منها الظلام والبأس

       ينظر إلى عراف النهر

        وإلى مستشاري الظلام

       يتأمل في وجوههم الحل واجابة حيرته



       يجيب عراف النهر بثقة

       وثبات لا يعلوه اضطراب :

       الظلام قد تجاوز حدود نهر الهلاك

        إلى نهر الحياة واستدعت العتمة النور




       لا يوجد حل خلاف تنفيذ رسالة النهر

       وهي إلقاء عروس من نور فى بحر الهلاك

        تخفف من ظلامه

        وتقلل من غضبه

        وتبعد عنا هذه الضياء

        هذه رسالة النهر إليك

         وعليك أن تترك القاع

          و تصعد إلى القمة المحرمة

         وتعبر نهر الهلاك إلى نهر الحياة

         لتحضرها من الأرض البعيدة

         وذلك قبل اكتمال الظلام

         وعودة ظهور الغريب

       لأن الشهاب القادم سيمحو أرضك, أرض الظلمات 
     

الثلاثاء، 21 فبراير 2012

ذكاء بريء

                                    
  يصعد
   ببطء على كرسي صغير ليتمكن من الرؤية
   نحوالتأمل والرغبة فى تعلم كل جديد 
   يبتسم ويصدر ضحكة صغيرة  
   عند وصوله إلى حافة الشرفة 
   فيها فرحة بتحقيق هدفه البسيط.  


   يٌطِلْ برأسه ببطء
   يتأمل الطريق يتعجب مما يراه من بعيد
   المارَّة والسيارات 
   أجساد تتحرك
   وجوه لا يعرفها 
   لا يفهم معناها ولكنه ينجذب للغريب منها
   لا يدري أنواع السيارات وقيمتها
   بل تجذبه الألوان وتنوعها
   يصغي إلى صوت بائع الجرائد البسيط 
   ويشير بيده إلى دراجة صغيرة تحمل الخبز
   لا يلتفت إلى فتاة  جميلة  
   يلتفت إلى طفل صغير بيد والدته يعبر الطريق
   يشده صوت طائر صغير يقف على أعمدة الإنارة  
   يراه وهو يبنى عشه الصغير  
   يطير ليحضر الطعام نشيطا
   فى داخله يسأل أين يذهب؟ ومن أين يأتي ؟  
   يتابعه بعينيه الصغيرتين وهو يحلق بعيدا ً 
    ويعود إلى مسكنه بالطعام 

    يطربه صوت ضجيج السيارات لا يهابه   
    ولا يضج من رؤية الزحام  
    لا يعنيه من وصل إلى عمله فى الوقت المناسب  
    لا يفكر في من تأخر عن  موعده  

     الشمس ساطعة تلامس بأشعتها وجهه
     طيف من جزيئات الضوء
     يحاول ان يقبض على جزيئاته الصغيرة بكفه الرقيق
     وينظر بين يديه ولا يجد شيئا
     فيعاود تارة أخرى بدون يأس أو ملل  
         
    مشاجرة بين إثنين من المارة  
    ينظر إليهم لا يفهم السٌبَاب أو السبب  
    يعلوا الغضب ويتبادلون الضربات  
    صوت مرتفع وصراخ  
    يسقط أحدهم بعد ضربة فاشلة 
    هو يبتسم  ويضحك ضحكات عالية  
  
     
    يتذكر تلك الصورة  وهو يقف فى نفس الشرفة  
   لا يبحث عن شيء جديد فقط عن ما يرضى شهوته  
   وهو يدخن السيجارة ويلقي بدخانها فى  الهواء 
   يعانق دخان السيارات فيصنع طبقات من الزحام فوق زحام  الطريق 
 ينظر إلى  :
   الفتيات  وأحيانا  يلقي عليهن بعض كلمات الغزل
   يجول بخاطره أنواع وأسعار السيارات  
   ويفكر في امتلاك المميزة منها
   يشعر بالرغبة فى الطيران  
   والتحليق لكنه لا يلتفت إلى السماء  
   ينادي على صديق ويطلق الدعابة تلو الأخرى
   أحلام كثيرة تشغل باله
   وهموم المستقبل  تجعله تزيده شرودا
   لا يلتفت كثيرا إلى متابعة ما حوله 
    تسرب إليه الملل والتعب من تكرار الفشل في تحقيق أحلامه 


    يصعد  بعض أصدقاؤه  
    يغلقون تلك الشرفة  
    الموسيقى صاخبة  
    تطغى على صوت ضجيج السيارات  
    الدخان يملأ الغرفة 
    لم يعد يرى الأشياء بوضوح 
    يتبادلون أحاديث بين حكايات المادة واللعب  
   بعض المشاجرات بينهم 
   لكنه لا يصدر تلك  الضحكة الطفولية
   حاول ان يستدعي تلك البسمة فلم يجدها  

   يفتح  الشرفة ليطرد الدخان  
   يتذكر الطائر الصغير قد بنى عشه البسيط  
   وأطعم صغاره مرارا دون أن يؤذي العالم بقدر ما يفعل البشر  
   ولم يصدر نفس الضوضاء  
   لم يحرق وقودا  
   لا يصدر من موقده دخانا   
   يعرف الأن من أين يذهب ويأتي 
   ولكنه لا أستطيع الطيران مثله 
    لن يتمكن من بناء ملجأ بسيط  دون ضجيج  
  
    السماء تمطر
    الشمس غائبة  
    لا تصل أشعتها الذهبية   
     تغسل الهواء من الدخان 
   صوت المطر يسكن الضجيج
    يقبض بعض قطرات المطر بين يديه 
    يضغطها بين كفيه بقوة 
   يلتمس منها  الشمس وأشعتها الذهبية
  يتمنى أن تعيد إليه روح الطفولة الذكية
   

السبت، 18 فبراير 2012

ورد مقصوف

   أصوات القصف تٌسْمَعْ من بعيد  
   لم يجزع 
   تعوَّد عليها   
   لم يعد يهتم 
   باتت تٌطْرِبه 
   أجساد تتفجَّر 
   أنات  تتعالى
   صراخ البشر
   يعلو
   مع الوقت 
  هدأ صوتها
  صوت الحجارة تتداعى 
  تغطى تحتها البشر   
  أمامه كوب من اللبن     
  إختفى منه اللون الأبيض  
   حل محله الدم
  وجهه ساكن 
  إبتسامة حالمة لا تفارقه  
  لا يشعر بغضب 
  لم يتسلل إليه الخوف . 
  


  يٌشَغِل إسطوانة الموسيقى الغربية 
  يرتفع صوتها بالتدريج  
  الحان تعكس الماضي 
  تحكي عن معشوقته  
  بملابسها المبهجة الألوان
  عيونها السوداء
  تسير بأناقة وخفة 
  كانت كل يوم
  تمر من جوارالشرفة 
  وتنظر تلك النظرة إلى حديقة منزله المليئة بالورود
  لا يعلم أين تذهب  
  لم تكن تعود من نفس الطريق
  كأن الموسيقى تصف وجهها النقي  
  يوقن أن المقطوعة عٌزِفَت من أجلها
  يرى الموسيقى من خارج اللحن
     هى بخطواتها الرشيقة 
  تفضح نفسه دون أن يدرى أنَّاته وسط الألحان  
  لم يتحرك يوما وينتظرها فى الأسفل
  كان فقط يتابع من بعيد من خلف ستائر حجرته  
  كان الضوء ضعيف  
  لا تدخلها الشمس عادةإلا عندماينتظرها
  ويرفع الستائر ليراها  
  بين رنين الألحان يشعر بحرارة الشمس غائبة  




  الأن الحجرة مظلمة  
  الستائر بالية   
  لم تدخل الشمس منذ زمن  
  الكوب أصبع أسود بلون الغرفة المظلمة  
  مر العمر سريعا منذ أخر مرة رأها  
  لم تعد هناك حديقة  
   فقط صوت القصف .
    إنتهت الأغنية
   وإشتد صوت القصف 
   وظل يقترب  بقوة ... 
   ينادى العون  
    يصرخ من داخله
   أصبح يخاف أن يصيبه الأذى من القصف  
    يشير إلى باب الغرفة المغلق
  
   يٌفْتَح الباب  
   تدخل هى 
   تضع باقة من الزهور بجوار النافذة 
   تتجه نحو الشرفة  
   تغير الستائر  
   صورة صغيرة بجوار السرير تنظفها  
  صورته وقت الحرب
  تقول بصوت هاديء:  
                       تناول كوب اللبن  
                 حتى تتحمل عظامك الحياة 
              الكرسى المتحرك يحتاج الى تغيير  
                   ونشترى أخر 
  
   لا يلتفت إليها  
   ومازال عابساً  
   وجهه خائف 
   تنظر الى عينيه  
   ثم إلى الاسطوانة  
   لقد توقفت  
   تعيد  تشغيلها  
   تعود الموسيقى  
   يعلو صوتها تدريجياً   
   ينظر إلى الصورة ويبتسم  
   الموسيقى والورد مزيجا أذهب عقله
    لم يعد يسمع صوت القصف.
  

الأربعاء، 15 فبراير 2012

أفندم

                                                                                                                                           

  على جميع الشاشات                                             

       ترقب مريب ..... 
       عبوس يطغى
     وزمن يقود

يجيب القاضى بكل برود

أفندم أنا موجود


 وفى داخله يردد



 صنم للظلم وللغي معبود   
لن أزول ولن يَمَّلو السجود  


فى كل يوم أحفر أخدود 
أحرق فيه كل الورود  
أعمي عيونا بكل برود 


  أبني أسواراً وأقيم سدود 

أدعو للجهل و للرهبان عهود
  

عن كل ضيم تراني أذود

فى كل قٌطر ظلامي يسود

كل حق من قصري مطرود



 لنار الحقد أشعل وقود

أغذى الكره من قلبي الحقود

أقتل شبابا وأنفي شهود
 ♠
 قالو رحل وترك قصر الخلود

وجدوا ميزان العدل مفقود 

والقاضي لم يكن غير جند الموجود


♠ عيونه تنظر بكل غرور:


أترى جنودي تركوا الحدود

جاؤوا زحفاً  نزعوا عنى القيود



أفندم أنا موجود



بكل فخر أجيب النداء

يامن تنادى كلهم لي فداء

أنام هانئا فى حضن النساء

ومن تمرد صعد السماء

كم قرنا سيتحملوا هذا البلاء؟!   

 ♠

عشت عقودا أزرع الشتاء

شوك نابت فى  قلب الصحراء

لن يرتديه من يفتقد الكساء

توهم البعض مصير الفناء

ولكنى آثرت فى الخلود البقاء



أغير شكل الوجوه ولون الحياء

وسوف  أظل أخفي الضياء 

لكي لا تنعموا ساعة بالصفاء



أفندم انا موجود

وٌعِدْت أني الوحيد المقدس

ومن شرب من نهرى تَدَّنس

ومن سكن فى قصري تَبرَّك

وفى كرسي الحكم تمسك

♠     

  أفندم أنا موجود 
                  

ضحك الجميع ومن قولي تعجب

وفخرو بقيدي والفرح تسرب

ظنوا أنى أردد أفندم لأهرب

ولكنَّ فؤادي منهم تعجب  


فأنا من قبل تمردهم أردد

أنا موجود ولن أهجر

وفي ظل عرشي كلاب تبرر
وسوف يأتي يوم أقرر
 
 أفندم أنا موجود
 وفى حياتكم معقود ♠
    

الأحد، 12 فبراير 2012

سجن ميلاد

                 
النهاية:
           ينظر إلى  وجهه                        
           مازال لا يصدق أحد رحيله  
          يريد أن يهرب من تلك اللحظة
          لا يريد أن يبكى أمامه حتى لا يشعره  
          بالحزن فى أخر لقاء بينهما  
          يغلق عينيه بيده فلم يعد يستطيع مقاومة دموعه
          وجهه مبتسم تقرأ فيه متعة بالعالم الجديد 
          يغطيه خيط  نور بارد 
          تحرر من سجن الحياة  
 
  إستدعاء:
            لم يكن اللقاء بين الروحين فيه عشق 
            كان مجرد لقاء عابر  بشكل روتينى 
            شحنات من الرفض  مختلطة بلذة زائفة  
            تتقابل فى فضاء حر    
            فى نور كالقمر قبل إكتماله 
            فى عمق بين مشاعر مختلطة  
  
             
               بٌعِثَت روحه هنا                                                                                             
           ومعها كل إسم وكل صورة وتَخيٌل ممكن لبشر 
              حرية بدون قيود وحواس كاملة دون حدود 
              فطرة نقية  
              بصيرة بدون شوائب 

 
   
              قرأ فى عقليهما إعراض وفى نفسيهما شجن  
              لم يكن أى منهما هو المنتظر 
             كمن لم يجد العسل فاختار  الخمر  
             نظرات عيونهما تعكسها مرايا الروح  
             كلاهما يعشقك أنت يامن ولدت   
             لا يلقيان  بالاً إلى نفسيهما
             الخوف من فقدان لحظة تكوينك
             يدفعان إليك بكل العشق
             كان يصرخ بين دقات القلب 
             لما تحضرونى إلى هذا السجن ؟  
                     
            سيطبع هذا اللقاء إسمك
            سيظل فى روحك علامة على هذا الرفض 
            عقدة من ضياع إكتمال البدر 
          
            جسدك لن يكون بعيدَاً 
            علامة فى وجهك ترافقك حتى الرحيل   
             مسحة من حزن تزول عقب خروج الروح
            تعريفك نسبك بين مواليد لحظة عشق  
            سجنك ستحرره  بصمة 
            يصنعها مزيج من روح وجسد
            سيكون فيها ألم 
            فى كل لحظة مضت بعد غلق باب السجن  
            هذه لحظة ميلادك وعشقك من داخله
          
                 هناك فاصل من السبات 
                 فى ظلام دافىء  
                 ينسيك كل إسم 
                 لكن تظل معك الفطرة
                 حتى يغلق الباب  
                تتغير بمقدار مايصل إليها من ضوء قمر الميلاد 
                تتوجه إليه بنور مخزن داخل البصيرة 
                من وقت التكوين 
  
   
       داخل السجن:

        عينيه:  
               مغمض العينين
              لا يريد أن يرى وجه الدنيا الجديدة  
             ينظرون إليه فى تأمل وسعادة
             لا يبخلون عليه بدموع الفرح التى لا يراها
            
             
   وجهه البرىء:
              ساكن لا يعطى تفسيراً عن ما يخفيه  
              صلب مثل الصخر لونه مثل الماء 
              لا تعرف أهو داكن يخفى حرقة الدم 
              أم شاحب يبحث عن وجوده  

              وعيه مازال بذرة تنبت فى رحم نسيج الجسد
              أغلق على الأفكار والتساؤلات أبواب من النسيان  
              وألقى بها خارج دائرة تفكيره   
              لا يقرب تلك النقطة  
             معزول بقضبان السجن الجديد
              لو حاول الإقتراب سيلقى العذاب  
              لا يخاف من المرض  فهو مازال لايعرفه
              بل سيقتله الألم عذاب للروح  
              وسط جسد جامد هش سيمزقها إذا اقتربت منه
              بحث عن برهة وسط الزمن يصبح فيها وحيداً  
              لحظة صمت وسط الظلام  

             تخزين زائد للدموع فى المآقى  
            إنفجر فأغرق أبواب السجن الجديد 
            بحور من مساء ليست دموع بل دماء 
 
          شيء غريب يدخل فى ممر صغير جديد لأول مرة  
          يسمى هواء  
          يشعر باختناق روحه  
         من رغبة احتياج دائمة لجذب هذا الغريب
          لا يدرى مايحمله إلى داخله 
          يخاف أن يطرد النور المخزن فى بصيرته  
         أو يشتت شعاع الفطرة النقى القادم من شرفة السجن
          

           رائحة هذا الكون مثل الدم  
           فضاؤه خالى من الزهر 
          يبحث عن رحيقه بين زهور الشتاء
          كان الورد أحمر بلون الدم   
          رحيقه غائب سأل عن السبب؟! 
          تعتيق للروح!  
          روح عاطرة كانت وقت الخلود إختفت 
          لكنها تعبت بعد أن صارت داخل جسد 
          تبحث عن الحرية الكاملة بدون قيود  
         عن حواس ترى أبعدمن حدود سجن الميلاد

         يسمع أصوات خليط من لحظة العشق وألم الميلاد  
         نبضات القلب كانت فى أذنه طول الطريق إلى السجن
           سكون:
          هو فقط ضجيج منتظم 
          صراخ محبوس بين ضلوع الأمل  
          ينتظر شعاع من فرح ,من نور القمر 
          صوته مخزن داخل بصيرته
          يقين لديه أن كل شيء تبدَّل 
          يحاول الثبات فى وجه إعصار قادم   
          أيام من فراق لن تخلو من عذاب و قسوة العمر 
          شقاء فى لحظة من مسافات الزمن تعطل مسار الخلود 
          سجن  صغير  ضيق  
          نور القمر مازال يصل منه خيط رفيع 
          لكنه لا يراه 
          يبحث عنه بين الجدران  
          يرشده نوربصيرته أن:  
                يطرد كل ماهو روتينى , عابر , زائف  
                يعشق لحظة اللقاء
                يقبل شحنات الفطرة ليتحرر من علامة الرفض 
                ويجد خيط النور ليتحرر من سجن الميلاد 
                ويبتسم للعالم الحر.
        
         
          
       
  


الخميس، 9 فبراير 2012

دقات ضمير

               
 دقات رقيقة على باب  الغرفة 
 مازال  نائماً  
  خيط رفيع من الشمس يغزو الغرفة
  تزداد الدقات تصبح ضرباتها أقوى
   صوت هامس أصبح أكثر رنيناً مع الدقات
  يفتح عينيه
  مازال غير يقظ
 فكرة أنه يحلم تسيطر على وعيه 
 خيالات أشخاص بعضهم يعرفهم والأخرين أشباح 
   صورة إمرأة وطفل صغير لا تفارقه 
  وجهها يعرفه لا يتذكر من ولكنه مألوف لديه 
     شعر بالراحة عندما نظر إليها 
   كانت تسير بجوار الطفل تضمه فى حنان  
   ينظر إليهما 
    و يتعجب لما هى حزينة وخائفة ؟! 
   نظرت إليه وابتسم وجهها كأنها تعرفه 
    مضى فى طريقه
   فجأة صرخت 
  فقدت طفلى! 
   !إختفى 
  تشير إلى القصر البعيد 
  ينظر!
  طريق طويل للوصول إليه  
  كيف إختفى كالسراب؟! 


 كان متوجهاً إلى البيت ولكنه ضل الطريق أيضاً  
   معالم الطريق إختفت وتفرقت لم يعد يميزه  
   تساءل هل أساعدها أم أٌكمِل الطريق؟
   صوت الضمير يدعوه  
    إبحث عن الطفل 
   رغبة نفسه تدفعه بيقين من عقله أن يكمل طريقه إلى البيت
   تهمس له
    المكان بعيد 
 إبحث عن طريقك قبل الظلام 
 ستغيب الشمس وستختفى الأشكال 
  وسيجف نور الطريق
 المرأة تصرخ 
 وجهها يبكى
 صوتها يصم أذان العقل 
  يٌسرع الخطى بدون تفكير 
 لا وقت للإختيار
 تدفعه الرغبة فى نجاة الطفل  
  شعور بإتجاه الحق 
 صورة وجهها المبتسم
   يشعره بالراحة
   يريد 
    إسكات  صوت صراخ المرأة 
   و نسيان وجهها الباكى 
     يؤلمه صوتها دون أن يدرى   
     دموعها صخرات تجرح  قلبه
   لم يعد يتذكر
    العودة الى طريقه قبل الظلام 
    نساها عقله المشوش 
  رجال  ظهرو فى الطريق لا يستطيع تمييزهم 
    هم أشباح رجال 
 يشيرون إليه أن يسلك طريق أخر  
  يرددون طريقك نحو البيت  
   فيه أمانك وسلامتك 
 لا تلتفت إليها فهيا تخدعك 
  لا تسلك طريق القصر إنه فخ منصوب   
   صدق عقلك!  
  أطع نفسك ! 
   لا تبحث عن الطفل لا تسير طريق القصر  
  لن تحتمل ظلام الليل لن تعيش إلى الفجر
  صرخات المرأة تعلو   
 دخان من بعيد يخرج من القصر  
 تنادى من ينقذ الطفل !
  يٌكمل نحو القصر  
 تختفى الأشباح حراس الوهم   
  الطريق إنتهى 
   القصر مازال بعيد بينهم بحر  
   الطريق عبر البحر أقرب من العودة 
 لكن الموج قد يصير الحاجز  
  ينظر خلفه تختفى المرأة  
  يسير نحو البحر
   يظهر عجوز أذله الدهر  
   يبتسم لما أتيت هنا؟! 
  ألا تعلم مصيرعابرى هذا الدرب ؟!
  لم ينجو أحد 
 لم يصل أحد إلى القصر  
 إستمع إلي أنا جبل صامد هنا منذ بدأ الخلق  
  أعلم عدد موجات البحر ومتى وصولها   
  ستٌغرِق الكون إذا أغضبت البحر
 صدق عقلك! 
 أطع نفسك !
   صوت صراخ المرأة مازال يتردد 
  من ينقذ الطفل؟! 
   يسلك طريق البحر
 ينظرخلفه قد إختفى العجوز 
   يصارع الموج  
  ألم كأنه سكاكين من الندم  
  تتجه روحه نحو الغرق 
  مسجون بين ضمير وعقل
 لا يعرف الطريق 
 يستدعى صوت الضمير  
 إتَّجِه نحو الأرض!
   نحو الدفء 
   جراح تملأ الروح  
  يصل إلى الشط 
  يرى
  أسوار القصر على بعد قريب
  يٌسرع الخطى فى ضعف  
  الظلام يحل  
  تختفى الأشكال  
 ينظر خلفه لا يرى الا الظلام   
 أمامه كان هناك دخان إختفى فى عمق الظلام  
  ينظر نحو البحر يتنظر الغضب  
  يٌنْصِت
 صرخات الأم مازالت تتردد  
 صورة الطفل يتذكرها 
   يسمع ضرباته على باب القصر 
  كانت الدقات تزداد  
 كلما إقترب يكاد لايرى شيئاً  
 صراخ المرأة يقترب  
  لا يعرف كيف عبرت البحر  
  الظلام ينجلى برفق  
 يغزوه شعاع من الشمس  
   ينظر الى الباب يكاد ينكسر من الضربات 
   يتجه سريعا ومازال  وعيه تشوشه صرخات المرأة 
    أسئلة تتردد فى وسط الدقات 
   هل سأنقذ الطفل ؟!  
   أين المرأة؟! 
  متى ساعود إلى البيت؟! 
   يلتمس المقبض 
   يفتح الباب
   وجه أمه توقظه 
  فى البيت  
 قد عبر
 وإستجاب لدقات الحلم  
 لكن مازال يشعر 
أنه داخله
 

الأربعاء، 8 فبراير 2012

ثابت فى زمن المكان

   يوم روتينى                                  
  يذهب إلى العمل  
  ثم يعود إلى مكانه الذى يحبه  
  قهوة صغيرة
  ليست فاخرة بل تحمل طيف من الماضى العريق
  البساطة هى مايميز هذا المكان 
   يبقى فيها أكثر من مسكنه  
   عقارب ساعة الحائط المميزة كأنها لا تسير  
   ينسى أعباء الحياة وينزلها من على صدره قليلاً
    رائحة الدخان المميزة 
  يشعر بحنين دائم  لقتل وحدته
 أصدقاؤه الذين تعود على رؤيتهم   
   يمسحون تراب الروتين الباهت
 الضحكات لا تفارق هذا المكان
   لا يوجد حواجز بينهم   
  يتبادلون أحاديث بين الواقع والذكريات  
    بين الجد والهزل  
   رغم تكرار الأيام روح المكان تضيف بٌعد جديد 
    لا يشعر بالندم على ماأنفقه من أوقات
   يمر الزمن 
  تتغير الأشياء وتهتز صورتها الباسمة
  تضيق دائرة الأصدقاء 
  الأخبار متكررة  
  الأصدقاء يتساقطون بين مرض وموت مفاجئ
   الضحكات لم تعد كما كانت خصبة  
  الدخان أصبح يخنق صدره  
  تكرار الأيام أصبح يشعر به عن ما سبق  
  المنضدة الصغيرة التى كان يجلس عليه قد تحطمت  
  ساعة الحائط لم تتغير دقاتها
  تمنى الرحيل ولحاق قطار الزمن  
  
   حتى جاء هذا الصباح
  عاد من العمل إلى نفس المكان 
  لم يجد القهوة البسيطة
  لقد جئت إلى هنا مراراً  
 أتغير المكان ؟ !
 أم تم هدمها؟!
  توقف ينظر يسأل يتأمل 
  وجوه غابت ومكان تغير 
 أصدقائى لقد فارقو الحياة
 أين أنا؟ هل مت دون أن أدرى؟
 لقد تعودت على حياتى هنا
 رغم حزن الأمس أعيش على ذكرى 
    رائحة دخان وسط الأصحاب
  نفس المكان أصبح مكان أخر
  لا يوجد  فيه عبق الماضى  
  إختفت رائحة الدخان  
 أصدقاؤه الذين رحلو 
   يجدهم ثانية  
 مع الزمن ينشأون من جديد
 لكن إختفى المكان
  الروح مختلفة 
 لم يعد للبساطة مكان  
 هموم الحياة تزداد فى هذا المكان الجديد 
 الروح القديمة نساها 
  لا يحن إلى المكان إلا قليلاً  
  الأصدقاء أشكال بلا روح  
  أشباح الذكريات إختلطت بدخان الوهم
  تمر الأيام  
   تعود على المكان الجديد
  الروح أصبحت أكثر جفافاً
  الأيام تحمل جديداً كل يوم  
    تغير مادى يمسخ الروح
   التكرار إختفى وحل الملل  
   من غياب متعة مقاومته
   لم يعد يهتم بالزمن  
  دقات الساعة تدق نفس دقات القهوة البسيطة
   صباح أخر  
 بعد يوم عمل روتينى  
 عاد إلى نفس المكان  
 إنها القهوة القديمة  
 البسيطة  
  أصدقاؤه ينتظرونه 
 يتساءلون عن مكانه يحاول الوصول إليهم دون جدوى
  يسمع حديثهم عن غيابه
  موجود بينهم يسمع الصوت ولا يصلهم صوته  
   يرى الدخان ولا يشم رائحته 
  المنضدة له فيها مكان ولكنه لا يجده 
      زمن فيه تكرار بلذة الحب 
   أفضل مما مضى من قبل 
 لكن  صورته غائبة 
  يتواصل مع المكان  
  لكن نفسه نائية
  يجدها  مع الزمن  
  يعود للحياة من جديد 
  غائب عن واقع المكان يعود مع الزمن
    ينظر إلى ساعة الحائط    
 مازالت عقاربها تشير إلى  نفس المكان 
 أدرك انه ثابت فى الزمن والمكان وتتغير الأبعاد.